د.عبدالهادى مصباح * الطاعون مرض معدٍ قديم تسبب فى كثير من الأوبئة التى حصدت الملايين فى العصور القديمة والوسطى، وكان يسمى بالموت الأسود نظراً لانتشار بقع نزفية منتشرة تحت الجلد من ضمن ما يحدثه من أعراض، ومع ظهور أى وباء جديد قاتل مثل الإيدز يطلقون عليه «طاعون العصر» إشارة لما يمكن أن يسببه من خسائر فى الأرواح، وسبب الطاعون نوع من البكتيريا تسمى «يرسينيا بستس yersenia pestis» نسبة إلى مكتشفها الأول «أليكساندر بستس»، وهذه البكتيريا تحتفظ بها القوارض مثل الفئران، وتتكاثر بداخلها وتنمو، وتنتقل عدواها إلى الإنسان عن طريق البراغيث التي تلدغ الفأر المعدِى ثم تلدغ الإنسان، أو نتيجة عض الفئران المعدية للإنسان بشكل مباشر، أو من إنسان إلى آخر بشكل مباشر أيضاً عن طريق الرذاذ والكحة والعطس في حالة الطاعون الرئوي.
وفترة الحضانة ما بين التقاط العدوى وظهور الأعراض المرضية تتراوح ما بين 2 - 6 أيام حسب نوع الطاعون، وهناك ثلاثة أنواع معروفة من الطاعون:
1 - طاعون الغدد الليمفاوية Bubonic plague: ويمثل حوالي 84% من الإصابات بالطاعون، ويحدث عندما يلدغ البرغوث المعدي الإنسان بعد أن يلدغ الفأر المصاب بالعدوى، فينقل إليه عدوى بكتيريا الطاعون، التي تتكاثر وتنتشر في مكان اللدغة، ثم تنتشر عن طريق السائل الليمفاوى إلى الغدد الليمفاوية (الحيل) الموجودة فى هذه المنطقة، ثم الموجودة فى الجسم كله، مما يسبب تضخمها في الحجم، وارتفاعاً في درجة الحرارة، وحدوث آلام شديدة بها، وأحياناً تقرحات ونزفاً، وفى هذه الأثناء تفرز بكتيريا الطاعون سموماً خطيرة B-adrenergic blocker تسبب مضاعفات قد تنتهي بالموت . وهذا النوع يمكن علاجه إذا تم اكتشافه في مرحلة مبكرة، ويوجد له تطعيم ولقاح واق.
2 - طاعون تلوث الدم septicemic plague: ويحدث في 13% من حالات العدوى، نتيجة المضاعفات التي تحدث من النوعين الآخرين من الطاعون، حيث تسبب العدوى البكتيرية تلوثاً في الدم، وتبدأ السموم الداخلية «إندوتوكسين» للبكتيريا تنتشر في الدم، وتحدث حالة متناقضة من التجلطات داخل الأوعية الدموية، والنزيف DIC الذى قد يظهر على شكل بقع نزفية غامقة تحت الجلد (وهو ما أعطاه اسم الموت الأسود) أو من أماكن مختلفة من الجسم داخلياً وخارجياً، وكحة أو قيئاً مصحوباً بدم، مع حدوث أعراض التسمم، واستخدام المضادات الحيوية مثل : ستريبتومايسين، جنتامايسين، كينولونز، دوكسى سيللين فى مرحلة مبكرة يقلل من نسبة حدوث الوفيات لتصل إلى 4 - 15%، والأشخاص الذين يموتون من هذا النوع يموتون فى نفس يوم ظهور الأعراض المرضية عليهم.
3 - الطاعون الرئوى Pneumonic plague: وهو أخطر أنواع الطاعون، وتنتقل عدواه عن طريق استنشاق الرذاذ المعدي أثناء العطس والكحة من إنسان مصاب بالعدوى إلى إنسان آخر بشكل مباشر، ويمثل حوالي 3% من حالات العدوى، وتتراوح فترة الحضانة لهذا النوع ما بين 1- 4 أيام، وهو أخطر أنواع الطاعون، ولا يوجد له تطعيم، وهذا النوع هو الذي يستخدم كسلاح بيولوجى، وأعراضه تتمثل في ارتفاع في درجة الحرارة - صداع – إحساس بالضعف والهزال - كحة - ضيق تنفس - سعال أو قىء مصحوب بدم. ونسبة الوفيات من هذا النوع من الطاعون تتراوح ما بين 50 - 90%.
ويتم تشخيص مرض الطاعون عن طريق تحليل PCR من أجل اكتشاف الحامض النووى للبكتيريا المسببة للطاعون، كما يمكن فحص البكتيريا وعزلها وصباغتها بصبغة «رايت جيمسا» ورؤيتها تحت الميكروسكوب، وطرق الوقاية تتمثل فى القضاء على القوارض والبراغيث، وعدم تجميع المخلفات والقمامة، والرش، والمسؤولية مسؤولية الجميع وليست مسؤولية الصحة وحدها
* كاتب علمي وعضو الرابطة العربية للإعلاميين العلميين